١   ٢   ٣   ٤   ٥   ٦   ٧
كلمة عن أرشيف حسين
طلال عفيفي




من أرشيف حسين شريف
يحتوي أرشيف حسين، الذي يضم أعمال المخرج والكاتب والتشكيلي السوداني حسين شريف (أم درمان 1934 - القاهرة 2005)، على مجموعات من الصور الفوتوغرافية يمكن تصنيفها إلى ثلاث فئات رئيسية: الصور الشخصية والعائلية، والصور الخاصة بمراحل صناعة أفلامه، وتلك التي تحتوي على مشاهد من معارضه في مختلف مدن العالم.

أعظم هذه المجموعات وأكبرها على أطلاق هي المجموعة الفوتوغرافية التي وثقت مراحل تحضير وإنتاج فلم "التراب والياقوت" —المشروع الذي لم يكتمل. هذه المجموعة، من تصوير الفنان الفوتوغرافي "كلود ستملر"، تغطي الفترة ما بين عامي 2000 و2004، وهي السنوات الأربع الأخيرة من حياة حسين شريف.

يضم الأرشيف أيضًا نسخًا وحيدة من أشرطة الـفيديو التي تحتوي على مشاهد من تحضيرات ومقابلات وتصوير لمشاهد من مشاريع أفلام "أبو داوود"، "الواثق صباح الخير" و"التراب والياقوت". كما تم العثور على أشرطة سينمائية (بَكَرات 16 و35 مم) لأفلام "ليست مياه القمر" و"النمور أجمل" و"إنتزاع الكهرمان."
على الرغم من تنوع النسخ والخامات والفترات الزمنية، شكلت هذه الموجودات مادة فريدة تتيح التجول في عالم حسين العجيب.

بدأ تجميع هذه المواد بشكل أهلي من قبل أسرة حسين وأصدقائه إثر وفاته عام 2005، ثم تطور التعامل معها بشكل منهجي عام 2017 بعد إنضمام معهد أرسنال ببرلين وفريق كينغز كوليدج في بلندن بقيادة البروفيسور إيريكا كارتر، للجهد الهادف إلى صون تراث حسين الفني وإعادته إلى حيز النظر والاشتباك.

بعد إنضمام معهد أرسنال وكينغز كوليدج إلى هذا الجهد، تم تهجير جزء من هذه المواد إلى لندن وبرلين، حيث بدأ على إعادة تصنيفها، تسميتها، تخزينها سحابيًا، وحفظ النسخ الأصلية بشكل يحافظ عليها لأطول فترة ممكنة.
إلى جانب أعماله السينمائية، ترك حسين مجموعة من التسجيلات الصوتية، يعود بعضها إلى بواكير ثمانينيات القرن الماضي، وتضم إفادات صوتية من أسرة "الواثق صباح الخير" و"المشنوق المصلوب"، سجلها حسين مع أبيه ومع "فاطمة الكونغولية"، ومع بعض رفاقه الذين أودعوا في سجون السودان المختلفة، ثم التقى بهم حسين بعد انتفاضة 1985 الشعبية التي عصفت بحكم المشير جعفر النميري.

حملت هذه الأشرطة—المتضمنة للإفادات الصوتية —في ثناياها بعضًا من سيرة "الواثق" وطبيعة حياته اليومية ونشاطه. كما نستطيع أن نتلمس في التسجيلات الصوتية جزءًا من طبائع علاقته بأهله ورفاقه.

"الواثق" أو "المشنوق والمصلوب" هو أحد مشاريع حسين السينمائية، المتأرجحة بين مرحلتي التطوير والإنتاج. يتناول الفيلم المأساة والملهاة التي رافقت القبض على ومحاكمة وإعدام "الواثق صباح الخير"—الجندي السابق ورجل العصابات قوي الشكيمة لاحقًا، الذي انتشرت أخبار نشاطاته المختلفة بين الناس وتحولت إلى ما يشبه الأسطورة، حتى وقع في براثن السلطة لتتخلص منه بطريقة بشعة ضمن منظومة ما عرف آنذاك بـ “محاكم العدالة الناجزة" في بدايات الثمانينيات.

صاغ السيناريو الكاتب السوداني البارز علي المك، الذي كتب سيناريو الفيلم بعد إعدام وصلب الواثق صباح الخير عام 1984، ليصبح ربما أول وآخر شخص يُصلب في تاريخ السودان الحديث. وبالإضافة إلى السيناريو الذي أعده علي المك، قام حسين بعدة زيارات ميدانية إلى مختلف ضواحي الخرطوم، وسجل مقابلات مع زوجة الواثق ووالده، وبعض رفاقه الذين حكم عليهم بالسجن وبتر الأطراف. وقد حُفظت هذه المقابلات على أشرطة كاسيت، مصحوبة ببعض اللقطات المسجلة على نظام الفيديو.

 إيمان حسين، ابنة المخرج تنظم أرشيف والدها



من أرشيف حسين شريف
في منتصف الثمانينيات، وبعد الانتفاضة التي أطاحت بالمشير نميري، حاول حسين الاستفادة من الأجواء الديمقراطية لتسهيل إنتاج الفيلم، فتواصل مع بعض الجهات الحكومية لدعم هذا المشروع السينمائي الجريء. ولكن لسوء الحظ، أُحبطت جهوده، وأجبره انقلاب البشير/الترابي اللاحق عام1989 على العيش في المنفى، مما أدى إلى وفاته في نهاية المطاف في القاهرة عام 2005 دون أن يتمكن من إكمال العمل.

والجدير بالذكر أن حسين سعى إلى إعادة إحياء إنتاج الفلم، ولو من بعيد، على الرغم من غياب الأشخاص والمواقع الأصلية. كما فكر في إعادة تخيل الفيلم بطريقة أكثر تجريبية، مع الحفاظ على "وفائه" للسرد الأساسي والأحداث الحقيقية. فكر في العديد من الممثلين، وتواصل مع بعضهم وبحث عن مصادر تمويل مختلفة في القاهرة في ذلك الوقت، إلا أن هذه المناقشات لم تسفر سوى وعود لم تتحقق.

تكمن أهمية مشروع فيلم "الواثق" في تجسيده لالتزام حسين بالمقاومة الثقافية. إذا أخذنا بعين الاعتبار الثقافة السائدة في السودان—بما تحمله من قوانين وديناميات وسلطة وسرديات—نجد أن حسين، من خلال نهجه السينمائي الحر، قد قدم صيغته الخاصة للمقاومة الثقافية. وهي الصيغة التي تراكمت عبر أعماله "انتزاع الكهرمان" و"التراب وياقوت"، مروراً بفيلمي "النمور أجمل" و"من مفكرة الهجرة". أعمال احتفى فيها حسين بالسرديات المُغيبة والمهمشة والمسكوت عنها في التاريخ السياسي والاجتماعي السوداني المعاصر، متحديًا من خلالها رواية الدولة ومنظور الطبقة الحاكمة، التي كانت تنظر إلى الواثق على أنه مجرد "عبد"، مارق، لص، وقاطع طريق مسؤول عن عمليات سطو جريئة على مقر السوق الحرة في بحري شمال الخرطوم، حيث كان يوزع غنائمه بكرم على المحتاجين، في لصوصية مُسرفة.

تضرب رواية حسين بجذورها في حكايات أولئك الذين سكنوا هوامش الخرطوم، ودُفعوا إلى أطراف المدينة أو السجون، أو اجبروا على العمل الوضيع في المنازل والمؤسسات دون أي خيارات أخرى. إنه سرد يسلط الضوء على إنسانية هؤلاء الأفراد، الذين لا ترغب الشاشات والمدونات الحكومية وأهواء النخبة أن نراهم. هؤلاء يدفع حسين بصورتهم وصوتهم إلى الواجهة، إلى السينما، مقاوماً مشروع الدولة التراكمي لإسكاتهم ومحوهم.

بعد استقراره الأخير في القاهرة، منذ أواخر التسعينيات وحتى بدايات عام 2005، كان حسين شريف يعمل بجهد واهتمام شديد على إتمام أوديسته "التراب والياقوت". كتب مئات الصفحات، ما بين مسودات وإعادة كتابة وشروحات حول مشروع الفيلم، إضافة إلى كم وفير من التأطيرات المعرفية باللغتين العربية والإنجليزية، وترجمات القصائد، وسلسلة ممتدة من المراسلات بينه وبين منتجين أفراد وشركات إنتاج ومؤسسات ثقافية ومنظمات إقليمية ودولية لدعم المشروع. كما أعد ملخصات متوالية توثق مراحل العمل المُنجز حتى تلك اللحظة.

ترك كل هذه الكتابات خلفه على أوراق بأحجام مختلفة، أشرقت عليها رؤباه بخط اليد أو بضربات أحرف الآلة الكاتبة.

يمثل حسين شريف نموذجًا للمثقف السوداني والأفريقي المستقل، الذي قدم وجهات نظره تجاه نفسه والعالم من منصات متنوعة، من بينها السينما والتشكيل والشعر والكتابة المفاهيمية والترجمة. وذلك على مدى يقارب خمسة عقود امتدت منذ أواخر الخمسينيات في لندن وحتى وفاته عام 2005 في القاهرة.

كانت هذه الفترة فترة من أهم الفترات في التاريخ الإجتماعي والسياسي والثقافي السوداني والأفريقي، حيث تفاعلت خلالها نضالات التحرر الوطني والتضامن الأممي وظهور الدكتاتوريات ومناهضتها المكلفة، إلى جانب تنامي أسئلة الهجرة والهوية. ١

كان حسين ابن هذه المرحلة بامتياز، وقد خاضها معبرًا عن روح الفنان المستقل، المتضامن، والمتفاعل مع أسئلتها. قدم لنا سينما ذات طابع فريد وخاص جدًا، والتي يجدر بنا قراءتها في سياقات الحاضر، في ظل تفاقم العنف والهيمنة والرقابة، وما يتعرض له السودانيون من إبادة على المستوى الإنساني والثقافي، إضافة إلى النزوح القسري نحو مدن وعواصم التي ربما كانت هي ذاتها التي سار في طرقاتها حسين قبل عقود. ١




صورة من فيلم "انتزاع الكهرمان" (1975) لحسين شريف


من الملاحظ في أعمال حسين السينمائية اهتمامه بتصميم شريط الصوت كخزانة تحتفظ على أصوات تمثل المشهد السمعي (Soundscape) في السودان—من أغاني أبي داوود وإنشاد الصوفية وصمت المسترقين المأسورين في جنازيرهم، إلى أصوات الجلسات المنزلية في تجمعات السودانيين في المنافي المختلفة. إنه أمر مثير للإعجاب والتقدير، حيث لم يحفظ حسين الصورة فقط، ولم يقتصر على الأسئلة الاجتماعية والانشغالات المفاهيمية، بل التقط الصوت بعناية واحتفى به في أعماله. هذا ما يفعله الفنانون العظماء، وهذه بعض أسباب اهتمامنا به.

في "من مفكرة الهجرة" إنتاج 1993، نسمع أصوات شخصيات مهمة في مسيرة نضالنا الوطني—أصوات أشخاص ربما تسعد أسرهم ومحبيهم لكونها لازالت موجودة وعلى قيد الحياة على الرغم من غياب ورحيل أصحابها. كما نجد أصوات موسيقى الفرق الصغيرة الحرة التي كانت تغني أغاني الحرية والمقاومة، وتجتمع بحذر في الشقق السكنية الصغيرة في منفى قاهرة التسعينيات. وفي الخلفية، نسمع أصوات شوارع العاصمة المصرية بصورتها الخامة، كما كانت آنذاك.

يحافظ هذا الالتقاط والتجاور الصوتي على روح ما حدث، تمامًا كما حافظت عليه الصورة في تلك الوثيقة المهمة، والتي قد تكون الأندر من نوعها في توثيق تلك المرحلة المهمة من تاريخ السودان وتاريخ السودانيين في النزوح—وهو مشهد يتكرر حرفيًا اليوم، بعد ما يزيد على ثلاثين عامًا.

في فلمه الموسوم بــ "انتزاع الكهرمان"، الذي تم إنتاجه عام 1975، قدم حسين شريف شريطاً صوتياً بارعاً بامتياز. تدور أحداث الفيلم في جزيرة سواكن التاريخية، الغارقة في الأساطير والقصص الغامضة التي تناقلتها الأجيال عبر القرون، إلى جانب كونها الجزيرة التي سكنتها لقرون طبقة من الأثرياء المهاجرين الذين اشتغلوا في التجارة والرق.

يفتتح حسين الشريط الصوتي المصاحب لبداية الفيلم بإنشاد لشاعر صوفي قديم محبوب في السودان يسمى ابن الفارض، بصوت عبد العزيز داوود، فنان الطبقة الوسطى في السبعينيات والثمانينيات. ثم يمتزج هذا الإنشاد مع صوت التراتيل وأصوات الريح التي تهب على الجزيرة من كل جانب، معززًا بهمهمات السائرين في جنازة، ثم صمت...ذلك الصمت الذي يبرز ويؤطر صورة المستعبدين والمسترقين المقيدين بالسلاسل، وهم جالسون عند بوابة الجزيرة، في انتظام الهجرة القسرية.

ذلك الصمت، وكأنه صمت العالم تجاه ما حدث، وصمت السردية التاريخية السودانية الرسمية تجاه هذا الفصل المؤلم القاسي من الماضي، الذي لا يزال يلقى بظلاله الكالحة على الحاضر.

شريط الصوت عند حسين ليس مجرد مداخلة جمالية أو تعزيز سينمائي، بقدر ما هو شهادة حية ضد الصمت اليومي: صمت ضد الصمت.

ربما يطول الحديث عما يمكن تسميته بالصوتية عند حسين شريف، خاصة بالنظر إلى عمله الأخير غير المكتمل "التراب والياقوت" إنتاج 1999، حيث قدم بصوته، وبأصوات مجموعة من أصدقائه، إلقاءات لمجموعة من القصائد التي أراد لها أن تصاحب السردية السينمائية لهذا المشروع.


صور من تصوير فيلم "انتزاع الكهرمان" (1975) لحسين شريف



الطريق إلى الأرشيف والسودان في المنفى!
في عام 2017، أتيحت لي فرصة زيارة معهد أرسنال في برلين، برفقة إيمان حسين شريف، والكاتب والمترجم هيثم الورداني، والمخرج تامر السعيد، إلى جانب ستيفاني شولتيه وماركوس روف من قسم الأرشيف. هناك انخرطنا في ورشة عمل مكثفة حول إنتاج حسين شريف وكيفية التعامل مع أرشيفه الموزع ما بين السودان ومصر والمملكة المتحدة والمانيا.  
في ذلك الوقت، انطلقت في التفكير بعشرات الأسئلة: كيف سنتعامل مع المادة المصورة؟ ما الأفكار الممكنة لإعادة إنتاج هذه المادة؟ كيف يمكننا إعادة تقديمها؟ لم يكن إلحاح الأسئلة منطلقاً من الكيفية فقط، لكن، ما هي أخلاقيات الأرشفة؟

أعدت قراءة ومخطوطات وسيناريو عمله الأخير “التراب والياقوت" إلى أن جاء اليوم الذي جلست فيه برفقة شتيفاني، هيثم، تامر، وإيمان في قاعة أرسنال لمشاهدة المادة الفيلمية للتراب والياقوت—للمرة الأولى!

كنت قد فكرت في كل شيء، ولكني نسيت شيئاً واحداً: أنني لم أر هذه المادة في حياتي من قبل! رغم أنني كنت من المؤدين الرئيسيين، وبالرغم من علاقتي الوثيقة جداً مع حسين شريف.

حين أظلمت القاعة وبدأ العرض، وجدت نفسي أشاهد شيئاً أعرفه جيداً، لكنني أراه للمرة الأولى! كانت هناك 18 سنة تفصلني عن هذه المشاهد وتلك اللحظات. شاهدت ما لم أكن أتوقع مشاهدته أبداً— شاهدت نفسي! وجهي، ملامحي قبل سنوات طويلة، جسدي...

وأنا أرى وجهي في اللقطات المقربة، انهمرت عليّ فيوضٌ من الذكريات والمشاهد والصور: حياتي الصغيرة في القاهرة، التي جئت إليها تاركاً أسرتي في السودان، بغرض الدراسة والنجاة من كابوس النظام—وذلك العمر الذي توزع بين المغامرات والأفراح والأحزان، والانضمام إلى جماعات اشتراكية غامضة.

كانت تلك أواخر التسعينيات، بعد انقلاب 1989 بقيادة حسن الترابي والعميد عمر البشير من الجبهة الإسلامية القومية. في ذلك الوقت، كانت القاهرة ملاذاً للسودانيين، أربعة ملايين سوداني توزعوا على حواري القاهرة وأزقتها، لياليها ونهاراتها، وشققها المفروشة ومواصلاتها ومقاهيها (قبل أن تعرف بـ "الكافيهات").

أربعة ملايين سوداني في حالة لجوء، وفي انتظار ترتيبات من الأمم المتحدة بإعادة توطينهم في دول العالم المختلفة. أربعة ملايين سوداني أنشأوا لنفسهم في القاهرة حياة بديلة ووطنًا مؤقتًا، فهناك كان النادي السوداني، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب الأمة، والحزب الاتحادي الديمقراطي، والمنظمة السودانية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى صحف سودانية تصدر من حي جاردن سيتي ومطابع شارع نوبار.

كان السودانيون يعيدون إنتاج بلدهم على أرض الجديدة.

في ثنايا هذا النسيج، كان حسين شريف يبحث عن ملامح الهوية الروحية والإنسانية للسودانيين في الشتات.

وانا أشاهد تلك المادة، تساءلت: أين بقية الصورة يا ترى؟ أين حياة السودانيين في قاهرة التسعينيات؟ أين صورهم، وثائقهم، صحفهم، أغانيهم؟ وهل يا ترى من الضرورة العودة إلى تلك المحطة؟ هل يمكن إعادة النظر في تلك الفترة الحيوية الصاخبة، التي حملت آمالاً وخيبات وتناقضات وآفاقًا مختلفة؟

صورة من فيلم "التراب والياقوت" لحسين شريف


هل يمكن إعادة ترميم هذه اللوحة الكبيرة؟

فكرت في آلاف الوجوه التي عبرت، في مئات الأصدقاء والمعارف والزملاء، في المصائر المختلفة لمن حطوا رحالهم في القاهرة في ذلك الوقت، ثم رحلوا.

فكرت في حسين شريف وهو يحاول أن يلمس الجسد السوداني، ويشعر بآلامه ولم ينس أن يرسمه.

فكرت في هدية حسين الأخيرة لي—بعد أكثر من 13 عامًا على رحيله، حيث جئت إلى القاعة لأزوره، فزرت نفسي!

مع بداية العمل على إعادة تقديم إرث حسين شريف، شعرت أن هذه فرصة لإعادة زيارة عصر مفقود في الذاكرة السودانية: السودان في المنفى، تسعينيات القرن الماضي.

للمواد الناجية من أرشيف حسين شريف أهمية نوعية كونها تعكس صورة ووجدان فترات متتالية من الأزمنة السودانية، أهمية تكتسب روحها من ندرة المادة، وكذلك من المنظور الفريد التي تناول به حسين هذه الحقبة.

طلال عفيفي

طلال عفيفي منتج ومبرمج سينمائي سوداني، من مواليد هامبورج عام 1976. مؤسس "سودان فيلم فاكتوري" ومهتم بدعم بناء السينما المستقلة في السودان، مقدمًا مساهمته في التدريب والتطوير وإطلاق منصات للعروض. انتج ما يقارب 40 فيلمًا في سياقات إنتاجية مختلفة، كما خطط ونظم ما يقارب 40 نشاطًا تعليميًا وتدريبيًا في السودان والإقليم. كان آخر إنتاجه السينمائي فيلم "الخرطوم" (2025) والذي عرض في مهرجاني "صندانس" و"برلينالي"، وحاز على جوائز عدة. في 2014، أسس مهرجان السودان للسينما المستقلة في الخرطوم. يهتم حاليِّا بدمج الحوارات حول الجماليات والذاكرة السودانية، والنظر في الهوية من خلال إعادة التفسير والتفاعل مع المواد الأرشيفية—وخاصة لسودانية—ضمن أطر معاصرة.
Copyright ©