نوادي السينما: عودة قوية لدور قديم: مروة عبدالله السيد

يذكر الناقد والباحث د. ناجي فوزي، أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون، أن البداية الحقيقية للنوادي السينمائية في مصر بمسمياتها المختلفة “نادي – ندوة – منتدى – جمعية… إلخ” تعود إلى المؤرخ والناقد السينمائي فريد المزاوي الذي يعتبر الأب الروحي الفعلي لها. فبعد أن أسّس (نادي الفيلم بالمركز الكاثوليكي للسينما)، ألحق به عددٌ من الأنشطة المُمتدة ومنها نوادٍ للسينما في بعض الأحياء القاهرية، مثل الزمالك والفجالة وشبرا. وفي عام 1954 أسّس نوادي سينما للأطفال مثل “نادي سندريللا – نادي توم بوس” فضلًا عن عروض سينمائية خاصة نظّمها في المدارس وتجمُّعات الأطفال في النوادي الاجتماعية كما امتد نشاطه في هذا المجال ليؤسِّس كل من “نادي سينما لوميير” في صالة سينما مترو و”نادي سينما كمال سليم”  في صالة سينما كايرو بالقاهرة. لذلك كان من الطبيعي والملائم أن يتم تكليفه بتأسيس أول ندوة سينمائية تابعة لمصلحة الفنون عام 1956 وهي “ندوة الفيلم المختار” التي كانت بمثابة الأساس لجمعيات الأفلام ونوادي السينما في مصر ومنها جمعية الفيلم 1961، ونادي سينما القاهرة 1968… إلخ[1]

ويمكن القول أن نوادي السينما قد شكّلت مساحة حرّة نسبياً للتعبير عن الأفكار الطليعية، والمساهمة في النضال السياسي للشباب خلال فترة ازدهارها في الستينات والسبعينات. ويشرح الناقد السينمائي أمير العمري في كتابه شخصيات وأفلام من عصر السينما بداية تلك المرحلة الجديدة لنوادي السينما في مصر خلال تلك الفترة قائلًا: “بعد نكسة عام 1967، كانت هناك حالة من المراجعة الثقافية والسياسية التي اجتاحت البلاد، وشغلت المثقفين تحديداً، بالبحث في أسباب الهزيمة، والرغبة العارمة في التحرر من الثقافة التقليدية العتيقة، والتطلع إلى ثقافة أخرى، أكثر حداثة، وكانت هناك رغبة في تطوير السينما، ومدّ تجربة تدخل الدولة في الإنتاج والتوزيع والعرض من خلال ما عرف بـ (القطاع العام السينمائي)، على استقامتها، والتطلع أيضاً إلى ربط العملية الإنتاجية، بالعملية الثقافية، أي إتاحة الفرصة لظهور ثقافة سينمائية جديدة يمكنها أن تساهم في تطوير الذوق والوعي بحيث تتغيّر نظرة الجمهور في تعامله مع الفيلم. وتأسّس نادي سينما القاهرة في هذا المناخ سنة 1968، وأداره في البداية الناقد السينمائي مصطفى درويش، عندما كان يقدِّم عروضه في موسمه الأول في قاعة “إيوارت” بالجامعة الأمريكية. ولم يكن الهدف الأساسي من تأسيس نادي سينما القاهرة عرض الأفلام الممنوعة، بل عرض الأفلام ذات القيمة الفنية الرفيعة، ولذلك رفض النادي قبول مئات طلبات العضوية، واكتفى بنحو ألف عضو، ارتفع بعد ذلك إلى نحو ألفي عضو[2]

وبمراجعة الكتابات النقدية والصحفية التي تناولت تلك الفترة بالدراسة والرصد، وتتبّعت ما قامت به نوادي السينما خلال هذه الفترة (للمزيد عن حركة نوادي السينما في تلك الفترة يمكن الرجوع لمقال “تجارب سينمائية بديلة في السياق المصري” لأحمد رفعت)[3]، نسّتشفّ مدى قوة تأثير هذه المساحات السينمائية البديلة في خلق كوادر جديدة سواء على مستوى صناع الأفلام، أو على مستوى الكتاب والنقاد المتخصصين، حيث مثّلت نوادي السينما المدرسة الأولى والاحتكاك العملي الأول للمشاهدة والنقاش حول الأفلام بصورة متعمِّقة وثرية

لكن بعدما اتّسعت أنشطة نوادي السينما خلال حقبة الستينات والسبعينات، تراجع دورها بشكل ملحوظ خلال الفترات اللاحقة لأسباب اجتماعية وسياسية عديدة، يأتي في مقدمتها ما وصفه الناقد د. صلاح السروي، أستاذ الأدب المقارن في كلية الآداب بجامعة حلوان، “بعدم وجود سياسة ثقافية عامة معلنة يمكن إجراء حساب على مكوناتها، مع وجود سياسة ثقافية أخرى غير معلنة ألا وهي محاولة تدجين المثقفين وتجييرهم لحساب مصالح النظام وأهدافه السياسية، سواء فيما يتعلق بما سمي في الثمانينات والتسعينات والآن بمكافحة الإرهاب أو لتجميل وجه النظام، ووضع الثقافة باعتبارها وردة في عروة جاكيت سياسة الدولة وهو الأمر الذي أدى إلى تقنين الفعاليات الثقافية التي ترعاها الدولة بحيث تأخذ شكل التظاهر الاحتفالي، أكثر مما تؤسس لتراكم ثقافي حقيقي ومنتج يمكنه أن يرتقي بالوعي العام من ناحية أو بتطور الفعل الثقافي لدى المبدعين من ناحية أخرى. وربما كانت هذه الوضعية مخططة على غرار ما حدث في مجال الصحة ومجال التعليم.. إلخ، من حيث تراجع دور الدولة لحساب أدوار أنيطت بالقطاع الخاص وبالطبقة الرأسمالية التي تدعم وتحفز منذ عصر الرئيس السادات. إلى جانب ذلك فقد شاب عمل المؤسسة الثقافية في مصر ما انتاب باقي المؤسسات في الدولة من ترهل إداري وفساد ومحسوبية، مما أدى إلى تعويقها زيادة على عجزها وفشلها من حيث افتقادها سياسة ثقافية راشدة ومعلنة”.[4] ويمكن اعتبار أن ما أشار إليه
د. صلاح السروي هو الآفة الكبرى التي تعيق العمل الثقافي بشكل عام والسينمائي على وجه الخصوص، وأن الوضع لم يختلف كثيراً عن الصورة التي رسمها هو، والتي سيتم توضيحها هنا لاحقًا في المقال

ولكن مع بداية الألفية الجديدة، والتي شهدت سنواتها الأولى انتشار موجة السينما المستقلة/  البديلة في القاهرة والمحافظات الأخرى، في لحظة سياسية واجتماعية حرجة، “كواحدة من تجسيدات رغبة الشباب المصريين المبدعين في التعبير عن أنفسهم وأحلامهم وأحزانهم، لا تختلف عن المدونات على شبكة الانترنت أو الفرق الموسيقية التي انتشرت تؤدي أغانيها في المحافل الفنية الثقافية أو الروايات والدواوين التي ينشرها الشباب على نفقتهم الخاصة في وقت تنسحب فيه الدولة مسافة جديدة كل يوم”[5]، بالإضافة إلى عودة روح المشاركة المجتمعية والرغبة في التواصل المجتمعي خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، استطاعت نوادي السينما أن تعود مرة أخرى إلى المشهد الثقافي المصري كأحد المنافذ التي تمثل فرصة رحبة للمشاهدة الجماعية للأفلام والنقاش حولها

وبشكل أكثر تفصيلاً، فإن عودة نوادي السينما مرة أخرى إلى خارطة المشهد الثقافي المصري خلال الأعوام القليلة الماضية قد ارتبطت بعدة أسباب اجتمعت لتكون وراء رجوعها إلى داخل وخارج الجامعات، كنافذة جديدة أو مساحة بديلة لعرض أفلام السينما لجمهور  متعطِّش للمشاهدة، وكأداة هامة في نشر الثقافة السينمائية لدى الشباب واكتشاف ودعم المواهب الفنية. ويأتي في مقدمة تلك الأسباب ما يلي:

أولًا: تأزُّم الأوضاع الاقتصادية والذي كان له مردوده السلبي على الوضع السينمائي سواء فيما يتصل بالجمهور أو بصناعة الأفلام على حد سواء. فبالنسبة للجمهور، تحوّلت مشاهدة الأفلام في صالات العرض التجارية من كونها “عادة” أسبوعية أو شهرية، إلى أن تصبح “مناسبة” أو “زيارة موسمية” (في مواسم الأعياد أو الإجازات الصيفية مثلاً) ، نظراً لارتفاع سعر تذكرة السينما بشكل متصاعد في السنوات الأخيرة بصورة جعلت من عادة الذهاب للسينما رفاهية لا يقدر عليها الكثيرون، وأمراً ليس في إمكان قطاعات كبيرة من المجتمع المصري. أما فيما يتصل بالأفلام فقد كان لسوء الوضع الاقتصادي دور في تحجيم فرص انتشار صالات العرض السينمائية خارج نطاق العاصمة والمدن الكبيرة، وكذلك إغلاق أبواب عدد من صالات السينما التجارية في المحافظات لمشكلات اقتصادية. وهكذا أصبحت نوادي السينما (المجانية) فرصة كبيرة لقطاعات واسعة لتعود لمشاهدة الأفلام على الشاشة الكبيرة مرة أخرى

ثانياً: قلّة تنوع الأفلام السينمائية المعروضة في صالات العرض التجارية، وتفضيل الموزعين للأفلام التجارية الأمريكية والمصرية المضمونة النجاح. وفي خضم التنوع الكبير في إنتاجات العالم السينمائية، والتي ينتظرها محبو السينما بحماسة وشغف شديدين، فإن نوادي السينما تشكِّل متنفّسًا رحبًا لعرض تجارب سينمائية متنوعة من دول مختلفة لمشاهدتها والنقاش حولها

ثالثاً: صرامة الرقابة على الأفلام، سواء المعروضة تجارياً بصالات العرض السينمائي أو على شاشات التليفزيون (للمزيد حول قوانين الرقابة في مصر يمكن الرجوع إلى الدليل الإرشاديّ الذي أصدرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير في عام 2017 لصناع الأفلام المبتدئين، والذي وضحت فيه الهيئات المنظمة للعمل السينمائي والأجهزة المرتبطة بها، والسلطات المخولة لكل جهاز، وكذلك القوانين والإجراءات والسلطات الرقابية التي تزايد عددها واختصاصاتها منذ عام 2013، وتزايدت معها  الخطوط الحمراء المفروضة على المبدعين)[6]

وكما يتضح من الشكل المصمم في الدليل، فإن هناك أكثر من جهة تنظم الحصول على تصريح لعرض الفيلم. فبخلاف جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، يأتي دور الأزهر في السماح بعرض الفيلم أو منعه وفقًا لمضمونه “الديني” أو “الأخلاقي”، بينما تختص بعض الأجهزة الأمنية بوقف أو تمرير الفيلم وفقًا لمضمونه السياسي. وبعيداً عن السياق المؤسسي المرتبط بقوانين الرقابة، ساهمت نوادي السينما في إتاحة فرص مُتجدِّدة لعرض الأفلام في إطار خارج سيطرة الرقابة، لتنجح في أن تشكل نقاط ضوء مهمة في واقع المشهد الثقافي المصري المعاصر

Screen Shot 2018-08-06 at 6.42.40 PM

رابعاً: التطور التكنولوجي الذي جعل العالم مفتوحاً بلا حدود ولا قيود تقف في وجه انتقال المعلومات. فقد أحدث الإنترنت تغيراً مهمّاً في المجتمعات بما قدمه من وسائل للاتصالات، الأمر الذي كان له تأثيره على دعم أنشطة نوادي السينما في مصر على أكثر من مستوى. فمن ناحية أتاح الإنترنت سرعة الاطلاع على أحدث إنتاجات السينما حول العالم، والحصول على نسخ عالية الجودة من الأفلام العالمية فور طرحها في صالات العرض. ومن ناحية أخرى، فإن الانفتاح وسرعة تداول المعلومات، أحدث تغيراً كبيراً في منظومة الرقابة على الإبداع، مناهجها وأساليبها وأثرها، ولذا أصبح من المهم مراجعة منظومة الرقابة لتتوافق مع الأثر الذي ستؤديه في زمن الانفتاح، والذي يبدو محدوداً للغاية. ومن الأمثلة على محدودية تأثير دور الرقابة في الوقت الحالي أنه في الوقت الذي رفضت الرقابة على المصنفات الفنية المصرية عرض فيلم تسجيلي قصير بعنوان “الزيارة” للمخرج مروان عمارة ضمن فعاليات “أيام القاهرة السينمائية” المنعقدة خلال الفترة من 9-16 مايو 2017، قرر منظمو الفعالية ومخرج الفيلم إتاحة مشاهدة نسخة الفيلم عبر الانترنت مجانًا في أي وقت خلال فترة المهرجان، بما أتاح نسب مشاهدة أعلى من النسب المتوقعة للحضور في صالة العرض

خامساً: أسباب اجتماعية/ نفسية تخص الجمهور، مثل دافع حب المشاهدة الجماعية للأفلام، والرغبة الحقيقية في النقاش حولها والانخراط في الإدلاء بوجهة نظرهم بحرية حول الفيلم وما يطرحه من أفكار. خاصة في ظل عزوف قطاعات من الجمهور عن الذهاب لصالات السينما التجارية لأسباب اجتماعية وثقافية ودينية ترتبط بمخاوف الأهالي من المشكلات المتوقعة لارتيادها، والتي ترتبط بشكل مباشر بصعوبات اقتصادية (في ظل ارتفاع سعر تذاكر السينما) وصعوبات اجتماعية (تتعلق بسياقات تجعل صالات السينما غير آمنة لقطاعات من الجمهور في ظل ارتفاع معدلات التحرش الجنسي)، ولكن اختلف الأمر نسبيًا فيما يتصل بالعروض الجماعية لنوادي السينما التي تحدث في إطار محدد وضيق، سواء كانت داخل الجامعة أو خارجها، بما شكل مساحة جديدة وآمنة للمشاهدة الجماعية للأفلام بصورة تسمح بتجاوب قطاعات أوسع من الجمهور معها، وهو ما لمسته بشكل شخصي من خلال نادي السينما الذي أشرف على تنظيمه في كلية الإعلام بجامعة بني سويف حيث أعمل (وهي إحدى الجامعات الحكومية في جنوب مصر)، حيث أغلقت آخر صالة عرض سينمائية في المدينة أبوابها منذ سنوات عديدة، ولا يتعرض سكانها للأفلام سوى من خلال شاشات التليفزيون أو عبر مواقع الانترنت. ليكون نشاط نادي السينما في الجامعة ركيزة جديدة للثقافة السينمائية ولتداول الأفلام ومناقشتها مع الطلاب. فخلال الشهور القليلة الماضية التي تمثل عمر هذا النادي الوليد، لمست اهتمام وشغف وحماس من الطلاب ومن الأساتذة على الحضور والمشاركة في مشاهدة العروض والنقاش حول الأفلام المعروضة، وبمساعدة زميلة لي مع ستة من الطلاب تتم أسبوعياً برمجة عروض النادي واختيار الأفلام وفقاً لرؤية تتضمن منح الأولوية للانفتاح على ثقافات مختلفة وأنواع متباينة من التجارب السينمائية المحلية والعالمية، وقد تشكلت رؤية النادي الرئيسية بعد نقاش مع الطلاب حول اهتماماتهم السينمائية وآرائهم حول أنواع الأفلام التي يفضلون أن يعرضها نادي السينما

وتعد نوادي السينما في الجامعات الإقليمية تجربة وليدة ومغمورة مقارنة بما يحدث في جامعات داخل نطاق العاصمة، حيث تشهد جامعة القاهرة على سبيل المثال عدداً لا بأس به من نوادي السينما تتبع لكليات مختلفة. كمثال، يعتبر نادي سينما الآداب (الذي أسسته وتدير نشاطه الأسبوعي الأستاذة الدكتورة سلمى مبارك الأستاذ بكلية الآداب) تجربة رائدة في جامعة القاهرة حيث توالت التجارب لاحقًا في أقسام الكلية المختلفة وفي كليات أخرى في الجامعة. ووفقًا للصفحة الرسمية للنادي على فيسبوك فقد “بدأ نادي سينما الآداب نشاطه من قسم اللغة الفرنسية في 28 فبراير ٦ ٢٠٠ بعد إقراره كنشاط معتمد من مجلس القسم ومجلس الكلية، إيماناً بأهمية السينما في تشكيل وعي وذوق المشاهد بعالمنا المعاصر، حيث يستهدف هذا النشاط المساهمة في تكوين ثقافة سينمائية واعية لدى جمهوره، وتكوين خبرات جمالية راقية تختلف عن تجارب السينما السائدة من خلال العروض والمناقشات”[7]

ترتبط هذه الرؤية إلى حد كبير برؤية نادي سينما كلية الإعلام جامعة بني سويف والذي يهتم بشكل أساسي بالانفتاح على ثقافات سينمائية محلية وعالمية تختلف عما يقدم في صالات السينما التجارية، وتستهدف دمج الطلاب مع تجارب سينمائية متنوعة وثرية) كلاسيكية ومعاصرة) وتحفيزهم على النقاش والتعليق على التجارب التي يشاهدونها

ورغم كون تجربتي الخاصة بإدارة نادي سينما في الجامعة تعد تجربة حديثة العهد، إلا إنها تمثل – لي على الأقل بشكل شخصي – تجربة ثرية خاصة في تفاعل الطلاب مع عروض النادي، واهتمامهم بإعادة ترتيب أوقات تدريباتهم العملية لحضور الفعالية الأسبوعية، وبناء على طلب عدد كبير منهم تجري حالياً محاولات لتخصيص ساعتين أسبوعياً للنشاط، على ألا تتداخل مع أي من المحاضرات النظرية أو التدريبات العملية للطلاب، حتى يتسنى توسيع دائرة جمهور النادي واستقطاب أعداد أكبر من الطلبة

على صعيد آخر، تعتبر التجربة مثيرة فيما يتصل بعلاقتها مع الرقابة. فجدير بالملاحظة عدم تدخل إدارة الكلية أو الجامعة في عروض النادي أو مضمون الأفلام المختارة للعرض فيه، إلا أنني كمبرمجة للعروض ما زلت أراعي في اختيار الأفلام أن تكون “مقبولة اجتماعياً” و”غير صادمة” للجمهور من الطلاب، تشجيعاً لهم على المواظبة وحرصاً مني على ربطهم بأنشطته وعدم تنفيرهم من الحضور والمشاركة. تأتي تلك المراعاة في ظل تجربة شخصية استمرت لسنوات طويلة من العمل في مساحات سينمائية مختلفة مكّنتني من التواصل المستمر مع جمهور الأفلام، فبات من السهل التعرف على أذواق المشاهدين وأنواع وعادات المشاهدة الجماعية للسينما

تأتي تلك النشاطات كأمثلة توضح بداية عودة جديدة لنوادي السينما كمساحات عرض بديلة للأفلام، والتي تحتاج لمزيد من الدعم والاستثمار فيها – رغم وجود تجارب جديدة تشرف عليها الدولة مثل مشروع نوافذ  (نوادي سينما في محافظات مصر)[8] – لتزدهر وتنتشر سواء داخل الجامعات أو خارجها، خاصة في الأقاليم المُفتقِرة لوجود أنشطة فنية وثقافية حقيقية، ذلك لأن الرهان على إحياء نشاط نوادي السينما يمثل فرصة حقيقية لإعداد كوادر سينمائية جديدة، وتكوين حركة ثقافية واسعة تساهم في بناء المؤسسة الثقافية من جديد، في ظرف حرج يشهد صعوبات على صعيد النمو السياسي والاقتصادي والتطور الاجتماعي وحرية التعبير. في ظل ما تتمتع به نوادي السينما – كمساحات سينمائية – من مميزات تاريخية (ترتبط بدورها الحيوي كأداة للثقافة السينمائية خلال سنوات ازدهارها) ومميزات عصرية (التي تناولها المقال بالشرح والتفنيد) تؤهلها لتكون ورقة رابحة في سياق المساحات السينمائية البديلة عن صالات السينما التجارية في مصر خلال السنوات القادمة

 

مروة عبدالله
باحثة سينمائية. درست الإعلام وتخصصت في الدراسات السينمائية. حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة، و تعمل حالياً كعضو هيئة تدريس في كلية الإعلام جامعة بني سويف. كما عملت كمبرمجة سينمائية في أكثر من مساحة سينمائية ومهرجان منذ ٦ ٢٠٠

[1] ناجي فوزي، ”نادي السينما“، جريدة الجمهورية، 13 ،نوفمبر 2013 ،متاح عبر الرابط: https://www.masress.com/gom/1311131307

[2] أمير العمري، شخصيات وأفـلام من عصر السينما، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2010 ،ص 28-29

[3] أحمد رفعت، ”تجارب سينمائية بديلة في السياق المصري“، 2016 ،ملفات ناس، متاح عبر الرابط: https://malaffatnaas.com/2016/08/04/

[4] عيد عبد الحليم، ”لماذا تراجع دور المؤسسات الثقافية في مصر؟“، ملحق الخليج الثقافي، مارس ٢٠١٤ ،متاح عبر الرابط: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/ebae6cb1-63d1-4d5a-b290-c86266bff17d#sthash.9CTMpvFW.dpuf

[5]رنا حايك ومحمد خير، ”بعد الصحافة والفضائيات.. سينما مستقلة“، مجلة وجهات نظر، العدد 90 ،يوليو ٢٠٠٦ ،ص 71

[6] الدليل متاح كاملاً على الرابط التالي: https://afteegypt.org/freedom_creativity/2017/09/20/13404-afteegypt.html

[7] رابط الصفحة الرسمية لنادي سينما الآداب في جامعة القاهرة: https://www.facebook.com/cinemaeladab

[8] مشروع نوافذ (نوادي سينما في محافظات مصر) تدعمه وزارة الشباب والرياضة، ويقيمه وينظمه مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بالتعاون مع نقابة المهن السينمائية، وبدأ موسمه الأول عام 2015 من محافظة أسوان، للمزيد حول مشروع نوافذ السينما http://youth.gov.eg/news/6515#.W2hxv9OFOu5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: